ما يجعل النص المقروء مؤثرًا بوجهة نظري هو قدرته على إيصال رسالة ذات قيمة. مع أنني ممن يتبنى نظرية أن الكتابة يمكن تعلّمها، إلا أني أرى للبعض قدرة فطرية على إيصال رسائلهم بتركيز، مع استخدام العناصر البلاغية التي تجعل النص مؤثرًا. رغم ذلك، يمكن لأي كاتب أن يتعلم بعض الحِيل أو الاستراتيجيات التي تمهد الطريق لنصٍ أكثر تنظيمًا. تعلمت موخرًا إحدى تلك الطرق المفيدة في جعل المقال سلسًا وذا أفكار متسقة، وهذه محاولة لشرحها.
كتبت سابقًا عن التماسك بداخل الفقرة نفسها، وشاركت الطريقة التي تقسّم الجملة إلى قسمين؛ نصف أول يستعرض معلومة مرّت على القارئ، والنصف الآخر من الجملة يقدّم المعلومة الجديدة. تضيف هذه الطريقة في توزيع المعلومات تدرّجًا يجعلك تمسك بيد القارئ مرشدًا إياه، جملةً تلو الأخرى. هذا رسم توضيحي لطريقة كتابة الفقرات المتماسكة:

تماسك الفقرة مهم، لكن ما هو أهم هو تماسك المقال وتنظيمه بأكمله. فكيف نفعل ذلك؟
طريقة الموجز اللاحق (Reversed Outline)
الموجز اللاحق هو موجز يضمّ النقاط الهامة للمقال (Outline) يصاغ بعد الانتهاء من الكتابة، لذلك هو لاحق (Reversed). فالطبيعي للموجز أن يُحدد قبل البدء بالكتابة لتحديد المحاور الرئيسية. لكن غرض الموجز اللاحق الرئيسي هو أن نستخدمه للتأكد من أن تسلسل الأفكار في الفقرات موحّد ومنظّم، لتكون المقالة موحّدة ومنظّمة.
كيف تطبّق الموجز اللاحق (Reversed Outline) بعد الانتهاء من الكتابة؟
للتأكد من تماسك المقال ووضوحه، استخدم طريقة الموجز اللاحق (Reversed Outline): تناول كل فقرة بمقالك واقتبس منها الجملة الأساسية التي تعرّف فكرة الفقرة، غالبًا ما تكون جملة الموضوع (Topic Sentence)، أي أول جملة، أو جملة أخرى تلخّص الفقرة بأكملها.
ثم اجمع الجُمل بفقرة واحدة واقرأها مجددًا. يفترض ببعض الإضافات بين الجملة والأخرى أن تجعل من الفقرة الجديدة واحدة من خيارين؛ إما أن تكون واضحة متسلسلة الأفكار، وإما أن تكون غير مترابطة ولا منطقية، أي أن الجُمَل الموضوعة معًا تفتقر للتماسك والتسلسل.
مكونات الموجز اللاحق (Reversed Outline):
جملة الأطروحة (Thesis) المقتبسة من المقدمة:
جملة تلخّص الفقرة الأولى:
جملة تلخّص الفقرة الثانية:
جملة تلخّص الفقرة الثالثة:
جملة تلخّص الفقرة الرابعة:
جملة تلخّص الخاتمة:
هل تفهم المعنى من تلك الفقرة؟ أم أنها أفكار دون أي علاقة؟ إن كان المعنى واضحًا في الفقرة، فمقالك مرتّب وأفكاره متسقة. أما إن كان المعنى غائبًا، ففي الغالب أنك أسهبت في طرح دون تركيز.
على الرغم من أن طريقة الموجز اللاحق (Reversed Outline) تصلح للكتابة الأكاديمية أكثر من الكتابة الحرّة، بسبب انضباط الكتابة الأكاديمية في طرحها وأساليبها، إلا أنها برأيي تصلح لأغلب أنماط الكتابة، وأنها وسيلة مفيدة لتنظر إلى تماسك النص والمنطق فيه بعد الانتهاء من الكتابة أيًا ما كانت.
جرّبها وشاركني رأيك
إذا أعجبك هذا المقال اقرأ عدد نشرتي البريدية الأخير: الجِلد القاسي: كيف يفاجئك الفشل بقدَرك الحقيقي
حقوق الصورة البارزة: SarChip – Freepik