عندما ينهي قارئ الكتاب الصفحات الأخيرة، وينظر إلى غلاف العمل متأملًا، “ما الذي قرأته للتو؟” إنها ليست رواية، فينقصها البناء القصصي المتعارف عليه، ولا يُدرَج الكتاب على أنه خواطر ومذكرات مكتوبة، إنه شيء في المنتصف. أجد شخصيًا نوع الكتب هذه مفضلًا بالنسبة لي، لكنّي لم أكن قادرًا على تسميته. مؤخرًا عرفت تسمية الأدب الإبداعي غير الخيالي (Creative Nonfiction)؛ وهي المقالات الشخصية التي تصاغ بطريقة مبتكرة لغرض الترفيه، وبأدوات أدبية تشدّ القارئ. قرّرت أن أكتب في هذا المنشور القصير، أهم ما يجعل النص إبداعيًا غير خيالي، تشجيعًا لنشر هذا الصنف الأدبي الممتع. بالإضافة إلى أنني لم أجد اهتمامًا كافيًا به بين القراء، رغم أنه نوعي المفضّل من الأدب.
المعالجة الإبداعية
بإمكانك رواية أي قصة بأي شكل تريد، إلا أن ما يميّز الأدب الإبداعي غير الخيالي هي المعالجة الإبداعية. مما يعني استخدامك للأدوات التي تظن أنها ستضيف عمقًا وجمالًا في سردك لما تريد قوله. على سبيل المثال، تستطيع ربط قصتك حينما فشلت في إصلاح صداقة متهاوية، باستعارة تستحضر إناءً مكسورًا، معبرًا عمّا كان قيمًا فيما مضى. أو باستخدامك مقابلة أدبية بين فشلٍ في الصبر والتحمّل، ونضوج ثمرة على غصن شجرة، باعتبار الفاكهة غير مفيدة قبل مجيء زمن حصادها. توضّح هذه الأمثلة مراحل مبدئية في مسألة المعالجة الإبداعية، فقد تتعقّد أدوات الكاتب ليصبح نصّه أصعب من أن يحلّل بسهولة.
كيف يمكنك معرفة الوسيلة المناسبة لسرد قصّتك؟
مثل أغلب الأسئلة حول الكتابة، نجيب على هذا السؤال بأنك لا تستطيع التأكد إلا بالتجربة. اكتب نصًا مباشرًا دون معالجة إبداعية، اسرد قصّتك مثلما تَرد في ذهنك، ثم اترك النص لليلة أو اثنتين، وأعد قراءته مرة أخرى. ماذا ترى في النص، كيف يمكن تحسينه؟ هل توجد فكرة يمكنك معالجة النص من خلالها؟ أجوبة هذه الأسئلة هي ما تجعل الكتّاب يمتلكون أساليب مختلفة عن بعضهم البعض، وهي ماتعطي إبداعًا فريدًا لكل منا.
إذا أعجبك هذا المقال اقرأ عدد نشرتي البريدية الأخير: لمَ لا تشعر بالتطور مع الوقت رغم أنك تحاول؟
حقوق الصورة البارزة: rawpixel.com – Freepik